"اللاسامية"، أو معاداة السامية، مصطلح اخترعته الحركة الصهيونية؛ للتعبير عن معاداة اليهود. وكلمة "سامي" مأخوذة مما ورد في الإصحاح العاشر من سفر التكوين: أن أبناء نوح هم سام وحام ونافث.
والساميون هم نسل سام من العرب واليهود وغيرهم، ولكن الصهيونية تعمدت إطلاق السامي على اليهودي، وأصرت على إطلاق مصطلح معاداة السامية على كل الحركات والأفعال المناوئة لليهود في أوروبا، وفي كل أنحاء العالم فيما بعد؛ تجنباً منها لاستعمال مصطلح معاداة اليهود؛ لما اكتسبه لفظ "اليهودي" من ظلال قبيحة في أذهان الشعوب الأوربية عبر التاريخ؛ فقد ارتبطت كلمة اليهودي بصفات البخل والانغلاق والجبن والاستقلال وغيرها.
استغلت الصهيونية فكرة اللاسامية لتحقيق أهدافها في إنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين، بل عملت على تأجيج نارها وافتعالها كلما خمدت، وقد كان هناك اعتقاد بأن اللاسامية ستنتهي بهزيمة النازية، ولكن الصهيونية أرادت للاسامية أن تستمر؛ لأنها البقرة الحلوب للصهيونية المعاصرة، وأداة الابتزاز والإرهاب التي تشهرها ضد العالم، ولا سيما ضد الإنسان الأوروبي، الذي أصبح يعاني بفعل الدعاية الصهيونية من عقدة الذنب وتأنيب الضمير.
إن إشهار سلاح اللاسامية على كل من يقف في وجه الحركة الصهيونية أو يشكك في نشاطها أو مطامعها التوسعية- أطلق يدها لتهيمن على مقدرات الإعلام الغربي؛ فلم يعد هناك كاتب أو مفكر أو صحفي حر يجرؤ على فضح الصهيونية أو إدانتها دون أن يتعرض لتهمة اللاسامية.
ولم تقف الصهيونية في استغلالها للاسامية عند هذا الحد؛ فراحت تتهم كل من يتعاطف مع الفلسطينيين في مأساتهم بأنه لا سامي، تماماً مثلما اتهمت العرب (الساميين) بأنهم لا ساميون! لا بل إنما اتهمت اليهود الذين عارضوا الصهيونية بللاسامية! فحين تظاهر اليهود العراقيون في تل أبيب عام 1951، احتجاجاً على التفرقة بين الأشكنازيين والسفارديين، هاجمهم بن غوريون ووصف تظاهرتهم بأنها "لا سامية إسرائيلية".
وما تزال الصهيونية تشهر سلاح اللاسامية في وجه كل دولة أو سياسي في العالم ينتقد (إسرائيل)، أو يقف من العرب موقفاً مؤيداً، بعدما استخدمت هذا السلاح بفاعلية لإقامة دولتها على أرض فلسطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق